رغم أن ردود فعل دول مجلس التعاون الخليجي على انتخاب
رئيس لإيران مدعوم من الإصلاحيين لم تتجاوز اللغة الدبلوماسية، فقد كان
انتخابه مناسبة لقرع أبواب طهران بلطف من خلال برقيات الترحيب بانتخابه
التي نشرتها وكالات أنباء رسمية عدة.
فقال رئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في
برقية تهنئة لروحاني: "إننا نتطلع للعمل معكم لما فيه خير المنطقة والشعبين
الإماراتي والإيراني"، مضيفا "نحرص على إقامة علاقات تقوم على التعاون مع
جمهورية إيران الإسلامية".
ووجه حكام البحرين والكويت وقطر برقيات تهنئة بدورهم لروحاني، بينما لم
يصدر أي تعليق رسمي من السعودية حتى الآن. لكن المحلل السياسي السعودي جمال
خاشقجي يعتبر أنه "بالنسبة للقيادة السعودية هذه هي أفضل نتيجة
للانتخابات."
غير أن دول الخليج عموما ما فتئت تعبر باستمرار عن
قلقها إزاء سياسات إيران، الجار الكبير القوي، ليس فقط بسبب برنامجها
النووي المثير للجدل إقليميا ودوليا، بل لأن إيران متهمة صراحة بالتدخل في
شؤونها الداخلية، لاسيما من خلال دعمها المفترض للمعارضة في البحرين، فضلا
عن أن الإمارات تطالب باستعادة سيادتها على جزرها الثلاث في الخليج التي
تسيطر عليها إيران منذ عام 1971.
ففي حديث لرويترز من البحرين التي تتهم إيران بإذكاء التوتر بين طائفتي
الشيعة والسنة في البلاد منذ عام 2011 قالت وزيرة الإعلام سميرة رجب "أعتقد
أن روحاني فرد في فريق. وأي شخص يأتي من ذلك الفريق سيواصل السياسة
ذاتها... لم تعد لدينا ثقة في النظام الإيراني بعد ما حدث في البحرين."
ويقول الدكتور سلطان النعيمي المختص في العلاقات الخليجية الإيرانية
لموقع "سكاي نيوز عربية" "حين نستقرئ مستقبل العلاقات الخليجية الإيرانية
بعد فوز حسن روحاني بالرئاسة في إيران، فإما أن ننساق وراء النظرة
التشاؤمية للعديد من التحليلات بأن الوضع سيبقى كما هو عليه دون تغييرٍ
يذكر، أو أن ندرس هذا الأمر بتجرد وموضوعية أكبر ونقول: لا شك في أن حسن
روحاني لن يستطيع تغيير أي أمر إذا جاء تحركه منفرداً، وبصفته رئيسا لإيران
وحسب".
ويرى الدكتور النعيمي أن "الأمر إذا جاء على هذه الشاكلة فإن توجه
روحاني لأي من دول الخليج لن يعدو كونه زيارات دبلوماسية مع تصريحات ذات
طابع ودي، يعود بعدها الى إيران لتصطدم وعوده بتباينات داخلية تحول دون
تحقيقها. وعلى الجانب الآخر فإننا لا نستبعد أن نرى تغييرا في الموقف
الإيراني يقوده حسن روحاني بنفسه".
كما أنه يؤكد ما ذهبت إليه الوزيرة البحرينية، فصعوبة هذا التغيير كما
يشرح الخبير الخليجي، تكمن في "أن النظام الإيراني الذي يضم إلى جانب
السلطة التنفيذية التي سيأتي على رأسها روحاني كثيرا من المؤسسات التي تفوق
في قوتها قوة الرئيس الإيراني" وإن حدث أي تغيير "فلنتيقن أن إيران تكون
قد ارتأت وفق دراسة للوضع بشكل عام أهمية انتهاج إيران سياسة تغاير تلك
التي عهدناها أثناء فترة نجاد".
فقد شهدت العلاقات الخليجية الإيرانية فتورا، وصل أحيانا لدرجة التوتر
أثناء ولاية الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، بسبب تصريحات وتصرفات له
اعتبرتها حكومات الدول الخليجية مستفزة، ومنها زيارات متكررة لكبار
المسؤولين الإيرانيين للجزر الإماراتية التي تحتلها إيران.
لكن النعيمي يتوقع أنّ "دول الخليج العربي ووفق نهجها الداعي إلى
الاستقرار والتنمية في المنطقة، لاشك أنها ستستقبل الرئيس الإيراني الجديد،
وكلها تطلع لأن يكون حسن روحاني قادم بسياسات إيجابية تعكس رغبة النظام
الإيراني في تحقيق الاستقرار والتنمية". ويتوقع أيضا أنّ "هذه السياسات لن
تجد من دول مجلس التعاون سوى كل ترحيب ورغبة صادقة في تحقيق ذلك".